قصة إسلام الناشطة الأمريكية أمينة السلمي

بدأت رحلتي إلى الإسلام بسبب خطأ حاسوبي
قصة إسلام الناشطة الأمريكية أمينة السلمي


"أنا مسرورة جدا لكوني مسلمة، فالاسلام هو حياتي، إنه الدم الذي يجري في عروقي، إنه مصدر قوتي، إنه أجمل وأروع شيء في حياتي، فبدونه لا أساوي شيئا، ولو أشاح الله بوجهه الكريم عني لما كتبت لي النجاة ابدا". هكذا بدأت أمينة حديثها، وهي التي كانت معمدانية من جنوب الولايات المتحدة الامريكية، متطرفة في أفكارها النسوية. كانت أمينة تعمل مذيعة صحفية وتتمتع بقدرات متميزة، فقد تفوقت في دراستها وأدارت أعمالها بنفسها، فنافست المحترفين وحصلت على الجوائز. حققت كل هذه الانجازات وهي لا تزال طالبة في الكلية.

أول الطريق
وفي أحد الأيام عام 1975، وبسبب خطأ حاسوبي، دفعتها الأقدار للتعرف على الإسلام، فاجتهدت في التعرف عليه كي تجابهه، فغلبها الإسلام ولم تلبث أن استسلمت له مؤمنة طائعة. لقد كان ذلك عندما تم تسجيلها في إحدى المواد دون إرادتها، وعندما علمت بتسجيلها خطأ حاولت سحب المادة فلم تستطع. لقد كانت مادة المسرح، وكان على الطلاب أداء أدوار تمثيلية أمام الآخرين فوجت نفسها مضطرة لأخذ المادة والتفاعل معها. فالإستنكاف عن المادة يعني حصولها على علامة متدنية وبالتالي حرمانها من المنحة التي كانت تنتظرها لتغطي تكاليف دراستها. أخذت أمينة بنصيحة زوجها وراجعت المدرس لعلها تقنعه بأن تقوم بدور بديل كتحضير الازياء للممثلين أو غير ذلك من أعمال، ولكنه لم يستطع المساعدة. وعندما ذهبت الى المحاضرة صدمت لما رأته، لقد كان الصف مزدحما بالعرب وكان هذا مبررا كافيا للنفور والهلع. رجعت إلى بيتها وهي عازمة على عدم حضور ذلك الصف فلم تكن فكرة الجلوس بين العرب واردة في مخيلتها مطلقا فقد كانت تقول:"من المحال أن أذهب للجلوس في غرفة مليئة بالوثنيين القذرين".
احتارت كثيرا واستشارت زوجها فنصحها بالتزام الفصل. فكرت مليا ثم قررت أن تلتحق بالفصل وعاهدت نفسها أن تأخذ بأيدي هؤلاء الوثنيين إلى "طريق الهداية"، فبدأت مهمتها بالحديث عن النصرانية مع زملائها العرب. " بدأت أشرح لهم كيف أنهم سوف يحترقون بنيران جهنم للأبد إذا لم يقبلوا بالمسيح مخلصا لهم. لقد كانوا يستمعون لكلامي بأدب لكنهم لم يتأثروا به ولم يغيروا ديانتهم. بعدها شرعت أحدثهم عن مدى حب المسيح لهم وكيف مات على الصليب لينقذهم من خطاياهم. وكل ما عليهم فعله هو أن يؤمنوا بذلك فقط، مع ذلك لم يعتنقوا النصرانية. حينها قررت أن أقرأ لهم من نفس كتابهم لأقنعهم بأن الإسلام هو دين زائف وأن محمدا كان إلها زائفا ايضا".

مع القرآن الكريم
طلبت من أحد زملائها نسخة من القرآن الكريم وكتابا آخر يتحدث عن الإسلام، وبدأت بحثها بهذين الكتابين واستمر سنة ونصف. قرأءت القرآن كاملا بالإضافة لخمسة عشر كتابا من صحيح مسلم، ثم أعادت قراءة القرآن مرة ثانية، وكانت خلال بحثها تدون الملاحظات التي ترى أنها تدحض مصداقية القرآن الكريم لعلها تتمكن من إقناع زملائها بزيف الدين الإسلامي. بمرور الوقت بدأت تحس أن تغيرا ما قد بدأ يتسلل الى أعماقها، وبدأ زوجها يحس بذلك : " لقد كنت أتغير في بعض السمات لكنها كانت كافية لإقلاقه. لقد اعتدنا الذهاب الى الحانة يومي الجمعة والسبت أو إلى الحفلة، ولم أعد ارغب في ذلك، لقد أصبحت أكثر هدوئا وأقل انسجاما". ومع مرور الأيام توقفت عن شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، فظن زوجها أنها وقعت في علاقة غرامية مع رجل آخر فطلب منها الرحيل، فوجدت نفسها تعيش مع طفليها في شقة مستقلة.
"عندما بدأت في دراسة الاسلام لم أتوقع انني سوف أجد شيئا جديدا أحتاجه. لم يدر في خلدي أن الإسلام سوف يغير من حياتي، ولم أكن أعلم أن الاسلام سوف يجعلني اشعر بالأمان في نهاية المطاف". خلال تلك الأثناء، استمرت في البحث والتنقيب، وعلى الرغم من أنها كانت تتغير شيئا فشيئا إلا أنها ظلت مخلصة لنصرانيتها.

يوم الهداية
وفي أحد الأيام سمعت قرعا على بابها، ففتحت الباب لتجد رجلا يلبس رداء المسلمين التقليدي، "رجل بلباس نوم أبيض طويل، وعلى رأسه قطعة قماش طاولة مقلمة بخطوط على شكل مربعات باللونين الأبيض والأحمر". كان اسمه الشيخ عبد العزيز وبصحبته ثلاثة أشخاص بلباس مماثل. بادرها الشيخ بالكلام قائلا أنه علم بأنها توشك أن تعتنق الإسلام، فأجابته بأنها نصرانية وليس لديها أية خطة للتحول الى الإسلام، ومع ذلك فقد أرادت أن تستغل هذه الفرصة لتبين لهم زيف الإسلام فبدأت تطرح شبهاتها والشيخ عبد العزيز يجيب بصبر وأدب جم.
"لقد شرح لي بأن الله طلب منا أن ننشد العلم وأن السؤال هو السبيل الذي يؤدي الى نيله، لقد بدا لي عند انتقالنا من موضوع الى آخر وكأنني أراقب بتلات زهرة تتفتح بتلة بعد اخرى، حتى تصل إلى كامل بهجتها ورونقها". لم يمض وقت طويل حتى بدأت أمينة بالاستسلام العلني لما كانت قد رضخت له أصلا في سرها عبر سنة ونصف من القراءة عن الإسلام. وفي نفس ذلك اليوم أعلنت أمينة إسلامها ونطقت بالشهادتين أمام الشيخ عبد العزيز وأصحابه، وكان ذلك في الحادي والعشرين من شهر أيار عام 1977.

مسيرة التضحيات
تقول أمينة: "كان رد عائلتي على اعتناقي الإسلام قاسيا جدا حتى أن والدي حاول قتلي قائلا : "لئن ماتت اليوم وهي نصرانية خير لها من أن تحترق لاحقا بالجحيم". ومع ذلك فإنه بسبب تطبيقي للإسلام في حياتي أصبح معظم أفراد عائلتي الآن مسلمين بفضل الله".
بعد وقت قريب بدأت في لبس الحجاب، وفي اليوم الذي ارتدته فيه فصلت من عملها، وهي الآن دون عائلة أو أصدقاء أومصدر رزق. أما التضحية الكبرى التي كان عليها أن تقدمها فهي زواجها، فقد كانت تربطها بزوجها علاقة حب متينة وكانت السعادة تغمر حياتهما الزوجية. لكنها ما أن بدأت في دراسة الاسلام حتى تبدل حب زوجها إلى شك وتوجس سرعان ما انتها به إلى أن يطردها من بيته. وبعد أن أشهرت إسلامها صار الأمر أكثر تعقيدا، فقد كانت رزقت من زوجها بطفلين فمنعها القضاء الامريكي من حضانتهما بسبب إسلامها، فكان الخيار أمامها في المحكمة إما أولادها أو الإسلام، فما أصعبه من خيار. لقد اختارت أمينة الإسلام ولم يكن يعزيها إلا تلاوة آية الكرسي التي كانت تحفظها. لقد فقدت الأهل والزوج والأولاد والعمل ولم يبق لها إلا الله.

من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
رغم كل ذلك استمرت أمينة في برها لأهلها فكانت ترسل البطاقات لوالديها في مناسبات مختلفة، وتزينها بآية من القرأن أو بحديث شريف دون ذكر مصدر هذه الكلمات الجميلة وسرعان ما بدأ تأثيرها الإيجابي يأخذ دوره. كانت جدتها أول من أسلم من أهلها وقد تجاوزت المائة عام، وقدر الله أن توفيت بعد إسلامها بوقت قصير. ولم يمض زمن قصير حتى دخل أبوها في الإسلام سرا. وبعد عامين من إسلام أمينة دعتها أمها وعبرت لها عن إعجابها بهذا الدين وتمنت لها الاستمرار في التمسك به. ولم يمض بعض الوقت حتى أسلمت أمها سرا أيضا، فهي لم تكن تعلم بإسلام زوجها بعد. وهكذا عاش الإثنان مسلمين لسنوات دون أن يعلم أحدهما بإسلام الآخر. ولحقت أختها بالركب فأسلمت، ثم جاء الدور على ابنها "ويتني" الذي بلغ الحادية والعشرين من عمره. وبعد ستة عشر عاما من طلاقها، اعتنق زوجها السابق الإسلام وجاء إليها معتذرا عما بدر منه، فسامحته أمينة. وكانت أمينة قد تزوجت من بعد طلاقها من زوجها الأول ورزقت بطفل جميل رغم قرار الأطباء استحالة الإنجاب، وعرفانا منها لهذا العطاء الرباني سمت المولود "بركة".
أما أصدقائها فقد أبدلها الله خيرا منهم، وأما عملها فبعد فصلها من عملها بسبب ارتدائها الحجاب، دارت الأيام فأصبحت رئيسة الإتحاد الدولي للمرأة المسلمة، وصارت تلقي المحاضرات على نطاق واسع وزاد الاقبال على محاضراتها. ويرجع الفضل في استصدار أول طابع بريدي للعيد في الولايات المتحدة بعد الله إلى مؤسستها.

موعد مع السماء
لقد ملك الإسلام حياتها، وأصبحت كل حياتها لله. ورغم عودة المحن إلى حياتها حيث تنبأ الأطباء بأنها لن تعيش أكثر من سنة بسبب السرطان الذي أصابها، إلا أنها ضربت أروع الامثلة في الصبر والثبات، وبقيت تواصل مسيرتها في الدعوة إلى الله بعدما ذاقت حلاوة الإيمان. فسبحان الذي أرشد أمينة لدين الحق وجعل حياتها ومماتها عبرة لأولي الألباب.

*توفيت أمينة يوم 5 مارس 2010 بحادث سير بعد عودتها من محاضرة ألقتها في نيويورك وعمرها 65 عاما، أي بعد 33 سنة من إسلامها، وكانت رحمها الله قد اختيرت مؤخرا كواحدة من الخمسمائة شخصية مسلمة الأكثر تأثيرا في العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق